فصل: فصل فِي ذِكْرِ نَمَاذِجِ مِنْ صَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان



.فصل فِي ذِكْرِ نَمَاذِجِ مِنْ صَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:

عَلَى الشَّدَائِدِ وَالأَذَى فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ وَمِنْ تَحَمُّلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلشَّدَائِدِ وَالأَذَى في الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ مَا وَرَدَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَأُخِفْتُ فِي اللهِ وَمَا يَخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلاثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَمَا لِي وَلِبِلالٍ مَا يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلا مَا يُوَارِي إِبِطِ بِلالٍ». أَخْرَجَهُ أحمد.
وَعِنِدَ الْبَيْهَقِيّ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَاءُونِي وَقَالُوا كَذَا وَكَذَا فَأَبِقِ عَلَيَّ وَعَلَى نَفْسِكَ، وَلا تُحَمِّلُنِي مِنِ الأَمْر مَا لا أَطِيقُ أَنَا وَلا أَنْتَ، فَاكْفُفْ عَنْ قَوْمِكَ مَا يَكْرَهُونَ مِنَ قَوْلِكَ، فَظَنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ قَدْ بَدَا لِعَمِّهِ فِيهِ، وَأَنَّهُ خَاذِلَهُ، وَمُسَلِّمَهُ، وَضَعُفَ عَنْ الْقِيَامَ مَعَهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَمّ لَوْ وَضَعْتَ الشَّمسَ فِي يَمِينِي وَالْقَمَرَ فِي يَسَارِي، مَا تَرَكْتُ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ أَوْ أَهْلََكَ فِي طَلَبِهِ». ثُمَّ اسْتَعْبَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَبَكَى. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ لَهُ حِينَ رَأَى مَا بَلَغَ الأَمْرُ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا ابْنَ أَخِي. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ. فَقَالَ: امْضِ لأَمْرِكَ وَافْعَلْ مَا أَحْبَبْتَ فَوَاللهِ لا أُسَلِمَكَ لِشَيْء أَبَدًا.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بِنْ جَعْفَر، قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ عَرَضَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَفِيهٌ مِنْ سُفَهَاءِ قُرَيْشٍ فَأَلْقَى عَلَيْهِ تُرَابًا، فَرَجَعَ عَلَى بَيْتِهِ فَأَتَتْهُ امْرَأةٌ مِنْ بَنَاتِه تَمْسَحُ عَنْ وَجْهِهِ التُّرَابَ وَتَبْكِي، فَجَعَلَ يَقُولُ: «أَيْ بُنِيَّة لا تَبْكِينَ فَإِنَّ اللهَ مَانِعُ أَبَاكِ». وَيَقُولُ: «مَا بَيْنَ ذَلِكَ مَا نَالَتْ قُرَيْشُ شَيْئًا أَكْرَهُهُ حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ ثُمَّ شَرَعُوا».
وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمُ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ تَجَهَّمُوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «يَا عَمُّ! مَا أَسْرَعَ مَا وَجَدْتُ فَقْدَكَ». وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ الْحَارِثِ بِنْ الْحَارِثِ قُلْتُ: لأَبِي مَا هَذِهِ الْجَمَاعَة؟ قَالَ: هَؤُلاءُ قَوْمٌ اجْتَمَعُوا عَلَى صَابِئٍ لَهُمْ فَنَزَلْنَا فَإَذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو النَّاسَ إِلَى تَوْحِيدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالإِيمَانَ بِهِ وَهُمْ يَرُدُّونَ عَلَيْهِ وَيُؤْذُونَهُ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارَ، وَانْصَدَعَ النَّاسُ عَنْهُ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ قَدْ بَدَا نَحْرُهَا تَحْمُلُ قَدَحًا وَمنْدِيلاً فَتُنَاوَلَهُ مَنْهَا فَشَرِبَ وَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «يَا بُنَيَّةَ خَمْرِي عَلَيْكِ نَحْرِكِ وَلا تَخَافِينَ عَلَى أَبِيكِ». قُلْنَا: مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: هَذِهِ زَيْنَبُ بِنْتُهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا. قَالَ الْهَيْثَمِي: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدَ اللهِ بِن عُمَرو رَضْيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا أَكْثَرَ مَا رَأَيْتَ قُرَيْشًا أَصَابَتْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَتْ تُظْهِرُ مِنْ عَدَاوَتِهِ، قَالَ: حَضَرْتُهُمْ وَقَدْ اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ فِي الْحِجْرِ.
فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَبَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ. سَفَّهَ أَحْلامَنَا وَشَتَمَ آبَاءَنَا وَعَابَ دِينَنَا وَفَرَّقَ جَمَاعَاتِنَا، وَسَبَّ آلِهَتَنَا. لَقَدْ صَبَرْنَا مِنْهُ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، أَوْ كَمَا قَالُوا.
قَالَ: فَبَيِنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ طَلَعَ عَلَيْهمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقَبَلَ يَمْشِي حَتَّى اسْتَقْبَلَ الرُّكْنَ ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ طَائِفًا بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا مَرَّ بِهِمْ غَمَزُوهُ:- أَيْ أَشَارُوا إِلَيْهِ- بِبَعْضِ مَا يَقُولُ، قَالَ: فَعَرِفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ.
ثُمَّ مَضَى فَلَمَّا مَرَّ بِهِمْ الثَّانِيَة بِمِثْلِهَا فَعَرِفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ مَضَى فَلَمَّا مَرَّ بِِهِمْ الثَّالِثَةَ فَغَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا فَقَالَ: «أَتَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَمَا وَالذَّي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بَالذَّبْحِ». فَأَخَذَتِ الْقَوْمَ كَلِمَتُهُ، حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُل ٌإِلا كَانَ عَلَى رَأْسِهِ طَائِرٌ وَاقِعٌ حَتَّى إِنَّ أَشَدَّهُمْ فِيهِ وَضَاءَة قَبْلَ ذَلِكَ لَيَرْفَؤُهُ بِأَحْسَنِ مَا يَجِدُ مِنَ الْقَوْلِ حَتَّى لَيَقُولُ: انْصَرَفْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، انْصَرِفْ رَاشِدًا فَوَاللهِ مَا كُنْتَ جَهُولاً.
فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدِّ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ وَأَنَا مَعَهُمْ، فَقَالَ بَعْضهُمْ لِبَعْضِ: ذَكَرْتُمْ مَا بَلَغَ مِنْكُمْ وَمَا بَلَغَكُمْ عَنْهُ حَتَّى إِذَا بَادَاكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ تَرَكْتُمُوهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ إِذَا طَلَعَ عَلَيْهمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَثَبُوا عَلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَأَطَافُوا بِهِ يَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ كَذَا وَكَذَا لِمَا كَانَ يَبْلُغُهُمِ مِنْ عَيْبِ آلِهَتِهِمْ وَدِينِهِمْ. قَالَ فَيَقُولُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «نَعَم أَنَا الّذِي أَقُولُ ذَلِكَ». قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً مِنْهُمْ أَخَذَ بِمَجْمَعِ رِدَائِهِ، وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ دُونَهُ يَقُولُ وَهُوَ يَبْكِي: أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولُ رَبِيَ اللهُ. ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لأَشَدَّ مَا رَأَيْتُ قُرِيْشًا بَلَغَتْ مِنْهُ قَطُّ.
وَأَخْرَجَ أَبُو يَعَلَى عَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَقَدْ ضَرَبُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَجَعَلَ يُنَادِي: وَيْلَكُمْ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولُ رَبِّيَ الله. فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: أَبُو بَكْرٍ الْمَجْنُونُ.
وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَهُوا بِأَبِي بَكْرٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ. قَالَتْ: فَرَجَعَ إِلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ فَجَعَلَ لا يَمَسُ شَيْئًا مِنْ غَدَائِرِهِ- أَيْ جَدَائِلِهِ إِلا جَاءَ مَعَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ.
وَأَخْرَجَ الْبَزَارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُحَمَّد بِنْ عُقَيْلٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ خَطَبَهُمْ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ أَشْجَعُ النَّاسِ؟ فَقَالُوا: أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: أَمَّا أَنَا مَا بَارَزَنِي أَحُدٌ إِلا انْتَصَفْتُ مِنْهُ، وَلَكِن هُوَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَّ اللهُ عَنْهُ؛ إِنَّا جَعَلْنَا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَرِيشًا فَقُلْنَا: مَنْ يَكُونُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِئَلا يَهْوَى إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَواللهِ مَا دَنَا مِنَّا أَحَدٌ إِلا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ شَاهِرًا بِالسَّيْفِ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يَهْو إِلَيْه أَحَدٌ إِلا أَهْوَى إِلَيْه فَهَذَا أَشْجَعُ النَّاسِ.
قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخَذَتْهُ قُرَيْشٍ فَهَذَا يُحَادُّهُ وَهَذَا يُتِلْتِلُهُ وَيَقُولُونَ: أَنْتَ جَعَلْتَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا؟! فَوَاللهِ مَا دَنَا مِنَّا أَحَدٌ إِلا أَبُو بَكْرٍ يَضْرِبُ هَذَا وَيُجَاهِدُ هَذَا وَيُتَلْتِلُ هَذَا، وَهُوَ يَقُولُ: وَيْلَكُمْ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً يَقُولُ: رَبِّيَ اللهِ.
ثُمَّ رَفَعَ عَلِيُّ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَيْهِ فَبَكَى حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَنْشِدُكُمْ اللهَ أَمُؤْمِنُ آلَ فِرْعَوْنَ خَيْرٌ أَمْ هُوَ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمَ. فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَوَاللهِ لَسَاعَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِنَ مُؤمِنِ آل فِرْعَوْنَ، ذَاكَ رَجُلٌ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ، وَهَذَا رَجُلٌ أَعْلَنَ إِيمَانَهُ.... الْحَدِيث. وَفِيهِ يَقُولُ أَبُو مِحْجَنُ الثَّقّفِيُّ.
وَسُمِّيتَ صِدِّيقًا وَكُنْتَ مُهَاجِرًا ** سِوَاكَ يُسَمَّى بِاسْمِه غَيْر مُنْكَرٍ

وَبِالْغَارِ إِذَا سُمِّيتَ بِالْغَارِ صَاحِبًا ** وَكُنْتَ رَفِيقًا لِلنَّبِيِّ الْمُطَهَّرِ

سَبَقْتَ إِلَى الإِسْلامَ وَاللهُ شَاهِدٌ ** وَكُنْتَ جَلِيسًا بِالْعَرِيشِ الْمُشَهَّر

اللَّهُمَّ يَسْرِّ لَنَا سَبِيلَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ وَهَيْئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا وَاعْلِ مَعُونَتِكَ الْعُظْمَى لَنَا سَنَدًا وَاحْشُرْنَا إِذَا تَوَفَّيْتَنَا مَعَ عَبَادِكَ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
فَصْل:
أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُرْوَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ أَبِي الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِأَشَّدِ شَيْء صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي حِجْرِ الْكَعْبَةِ إِذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ عُقْبَةُ بْن أَبِي مُعَيْطٍ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيَدًا.
فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبِهِ، وَدَفَعَهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولُ رَبِّي الله وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ.. الآيَة.
وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُرْوَةَ بِن الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ قُرِيْشًا أَرَادُوا قَتْلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِلا يَوْمًا ائْتَمَرُوا بِهِ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي ظِلّ الْكَعْبَةِ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عِنْدَ الْمَقَامِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُقْبَة بِن أَبِي مُعَيْطٍ فَجَعَلَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ ثُمَّ جَذَبَهُ حَتَّى وَجَبَ لِرُكْبَتِهِ سَاقِطًا، وَتَصَايَحَ فَظَنُّوا أَنَّهُ مَقْتُول.
فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضْيَ اللهُ عَنْهُ يَشْتَدُّ حَتَّى أَخَذَ بِضَبْعَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَرَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولُ رَبِّيَ اللهَ} الْحَدِيث.
وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بِنْ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ وَأَبُو جَهْلٍ وَشَيْبَةُ وَعُتْبَةُ أَبْنَاءُ رَبِيعةَ وَعُقْبَةُ بِن أَبِي مُعَيْطٍ وَأُمَيَّةُ بن خَلَفٍ وَرَجُلانِ آخَرَانِ كَانُوا سَبْعَةً، وَهُمْ فِي الْحِجْرِ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فَلَمَّا سَجَدَ أَطَالَ السُّجُودِ.
فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيْكُمْ يَأْتِي جَزُورِ بَنِي فُلانٍ فَيَأْتِينَا بِفَرْثِهَا فَنَكْفَئَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقَ أَشْقَاهُمْ عُقْبَة بِنْ أَبِي مُعَيْطٍ فَأَتَى بِهِ فَأَلْقَاهُ عَلَى كَتِفِهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ سَاجِدٌ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأنَا قَائِمٌ لا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، لَيْسَ عِنْدِي مِنْعَةً تَمْنَعَنِي، إِذَا سَمِعْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلَتْ حَتَّى أَلْقَتْ ذَلِكَ عَنْ عَاتِقِه.
ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ قُرَيْشًا تَسُبُّهُمْ فَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَيْهَا شَيْئًا، وَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ كَمَا كَانَ يَرْفَعُ عِنْدَ تَمَامِ السُّجُودِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلاتَهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشِ ثَلاثًا، عَلَيْكَ بِعُتْبَة، وَعُقْبة، وَأَبِي جَهْلِ وَشَيْبَةَ».
ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلَقِيَهُ أَبُو الْبُخْتُرِي بِسَوْطٍ يِتَخَصَّرُ بِهِ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْكَرَ وَجْهَهُ فَقَالَ مَا لَكَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «خَلِّ عَنِي». قَالَ: عَلِمَ اللهُ لا أُخْلِي عَنْكَ أَوْ تُخْبِرْنِي مَا شَأْنُكَ، فَلَقَدْ أَصَابَكَ شَيْء. فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ غَيْرُ مُخَلٍّ عَنْهُ أَخْبَرَهُ. فَقَالَ: «إِنَّ أَبَا جَهْلٍ أَمَرَ فَطَرَحَ عَلَيَّ الْفَرْثِ». فَقَالَ أَبُو الْبُخْترِيِّ: هَلُمَّ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو الْبُخْتريِّ فَدَخَلا الْمَسْجِدَ.
ثُمَّ أَقَبَلَ أَبُو الْبُخْتريِّ إِلَى أَبِي جَهْلٍ فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَكَمَ! أَنْتَ الَّذِي أَمَرْتَ بِمُحَمَّدٍ فَطُرِحَ عَلَيْهِ الْفَرْثَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَرَفَعَ السَّوْطَ فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَهُ. قَالَ: فَثَارَ الرِّجَال بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. قَالَ: وَصَاحَ أَبُو جَهْلٍ وَيْحَكُمْ هِي لَهُ إِنَّمَا أَرَادَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُلْقِيَ بَيْنَنَا الْعَدَاوَةَ، وَيَنْجُو هُوَ وَأَصْحَابُهُ.... الْحَدِيث.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ يَعْقُوبِ بِنْ عُتْبَة بِنْ الْمُغِيرَة بِن الأَخْنَسِ بِنْ شُرِيْق حَلِيفُ بَنِي زُهْرَة مُرْسَلاً، أَنَّ أَبَا جَهْلٍ اعْتَرَضَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّفَا فَآذَاهُ.
وَكَانَ حَمْزَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَاحِبَ قَنْصٍ وَصَيْدٍ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ فِي قَنْصِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ وَكَانَتْ قَدْ رَأَتْ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا عِمَارَةَ لَوْ رَأَيْتَ مَا صَنَعَ تَعْنِي أَبَا جَهْلِ بِابْنِ أَخِيكَ. فَغَضَبَ حَمْزَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَمَضَى كَمَا هُوَ قَبْلُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهِ.
هُوَ مُعَلْقُ قَوْسَهُ فِي عُنُقِهِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ أَبَا جَهْلٍ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قُرَيْشٍ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ حَتَّى عَلا رَأْسَهَ بِقَوْسِهِ، فَشَجَّهُ فَقَامَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى حَمْزَةٍ يُمْسِكُونَهُ عَنْهُ، فَقَالَ حَمْزَةُ: دِينِي دِينُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ، فَوَاللهِ لا أَنْثَنِي عَنْ ذَلِكَ، فَامْنَعُونِي مِنْ ذَلِكَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ.
فَلَمَّا أَسْلَمَ حَمْزَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَزَّ بِهِ رَسُولَ اللهِ وَالْمُسْلِمُونَ، وَثَبَتَ لَهُمْ بَعْضُ أَمْرِهِمْ، وَهَابَتْ قُرِيْشٌ وَعَلِمُوا أَنَّ حَمْزَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَيَمْنَعَهُ. قَالَ الْهَيْثَمِيُّ: وَرَجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْم فِي دَلائِلِ النُّبُوَّةِ عَنْ عُرْوَةَ بِنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما قَالَ: وَمَاتَ أَبُو طَالِبٍ وَازْدَادَ مِنَ الْبَلاء عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشِدَّةٍ، فَعَمَدَ إِلَى ثَقِيفٍ يَرْجُو أَنْ يُؤْزِرُوهُ وَيَنْصُرُوهُ، فَوَجَدَ ثَلاثَةَ نَفَرٍ مِنْهُمْ، سَادَةُ ثَقِيفٍ، وَهُمْ أُخْوَةُ عَبْدُ يَالِيلٍ بنِ عَمْرُو، وَحَبِيبُ بن عَمْرُو، وَمَسْعُودُ بِنْ عَمْرُو، فَعَرَضَ عَلَيْهمْ نَفْسَهُ، وَشَكَا إِلَيْهُمْ الْبَلاءَ، وَمَا انْتَهَكَ قَوْمُهُ مِنْهُ. فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَنَا أَسْرِقُ ثِيَابَ الْكَعْبَةِ إِنْ كَانَ اللهُ بَعَثَكَ بِشَيْء قَطُّ. وَقَالَ: آَخَرُ وَاللهِ لا أُكَلِّمَكَ بَعْد مَجْلِسَكَ هَذَا كَلِمَةً وَاحِدَةً أَبَدًا لأَنْ كُنْتَ رَسُولاً لأَنْتَ أَعْظَمُ شَرَفًا وَحَقًا مِنْ أَنْ أُكَلِّمُكَ. وَقَالَ الآخر: أَعَجَزَ اللهُ أَنْ يُرْسِلَ غَيْرَكَ.
وَأَفْشُوا ذَلِكَ فِي ثَقِيفٍ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ: وَاجْتَمَعُوا يَسْتَهْزِؤُنَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَعَدُوا لَهُ صَفَّيْنِ عَلَى طَرِيقِهِ، فَأَخَذُوا بِأَيْدِيهِمْ الْحِجَارَةَ فَجَعَلَ لا يَرْفَعُ رِجْلَهُ وَلا يَضَعُهَا إِلا رَضَخُوهَا بِالْحِجَارَةِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَسْتَهْزِؤَنَ وَيَسْخَرُونَ.
فَلَمَّا خَلُصَ مِنْ صَفَيْهِمْ وَقَدَمَاهُ تَسِيلانِ بِالدِّمَاء، عَمَدَ إِلَى حَائِطٍ مِنْ كُرومِهِمْ فَأَتَى حَبَلَةً مِنْ الْكَرْمِ فَجَلَسَ فِي أَصْلِهَا مَكْرُوبًا مُوجَعًا تَسِيلُ قَدَمَاهُ الدِّمَاء فَإَذَا فِي الْكَرْمِ عُتْبَةَ بِن رَبِيعَة وَشَيْبَةَ بن رَبِيعَة فَلَمَّا أَبْصَرَهُمَا كَرِهَ أَنْ يَأْتِيهُمَا لِمَا عَلِمَ مِنْ عَدَوَاتُهُمَا للهِ وَلِرَسُولِهِ وَبِهِ الَّذِي بِهِ فَأَرْسَلا إِلَيْهِ غُلامُهُمَا عَدَّاسًا بِعِنَبٍ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ مِنْ أَهْلِ نينوى، فَلَمَا أَتَاهُ وَضَعَ الْعِنَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بِسْمِ اللهِ». فَعَجَبَ عدَّاسٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ أَيْ أَرْضٍ أَنْتَ يَا عَدَّاس؟» قَالَ: أَنَا مِنْ أَهْلِ نينوى.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ أَهْلِ مَدِينَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ يُونُسُ بِنْ مَتَّى؟» فَقَالَ لَهُ عدَّاسٌ: وَمَا يُدْرِيكَ مَنْ يُونُسُ بِنْ مَتَّى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ مِنْ شَأْنِ يُونُسُ مَا عَرِفَ.
وكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا يَحْقِرُ أَحَدًا يُبَلِّغُهُ رِسَالاتِ اللهِ تَعَالَى، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي خَبَرَ يُونُسُ بِنْ مَتَّى، فَلَمَّا أَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ شَأْنِ يُونُسُ بِنْ مَتَّى مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ مِنْ شَأْنِهِ خَرَّ سَاجِدًا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَعَلَ يُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ وَهَمَا تَسِيلانِ الدِّمَاء. فَلَمَّا أَبْصَرَ عُتْبَةُ وَأَخُوهُ شَيْبَةُ مَا فَعَلَ غُلامُهُمَا سَكَتَا، فَلَمَّا أَتَاهُمَا قَالا لَهُ: مَا شَأْنُكَ سَجَدْتَ لِمُحَمَّدٍ وَقَبَّلْتَ قَدَمَيِّهِ، وَلَمْ نَرَكَ فَعَلْتَ هَذَا بِأَحَدِنَا.
قَالَ: هَذَا رَجُلٌ صَالِحٌ حَدَّثَنِي عَنْ أَشْيَاءَ عَرِفْتُهَا مِنْ شَأْنِ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَيْنَا يُدْعَى يُونُسُ بِنْ مَتَّى فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ فَضَحِكَا وَقَالا: لا يَفْتِنُكَ عَنْ نَصْرَانِيْتِكَ أَنَّهُ رَجُلٌ يَخْدَعُ. ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَكَّةَ.... انْتَهَى.
اللَّهُمَّ نَوِّرْ قُلُوبَنَا بِنُورِ الإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ وألهمنا ذِكْرَكَ، اللَّهُمَّ أَنْظِمْنَا فِي سِلْكِ حِزْبِكَ الْمُفْلِحِينَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الْمُخْلَصِينَ وَآمِنَّا يَوْمَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ يَوْمَ الدِّين، وَاحْشُرْنَا مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهمْ مِنَ النَّبِيينَ وَالصِّدِيقِينَ وَالشُّهَدَاءَ وَالصَّالِحِينَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
فَصْل:
أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَويه عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَوْ رَأَيْتُنِي وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ صَعَدَ الْغَارَ فَأَمَّا قَدِمَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَفَطَرَتَا، وَأَمَّا قَدَمَايَ فَعَادَتْ كَأَنَّهُمَا صَفْوَانٌ، قَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتَعَوَّدْ الْحُفْيَةَ.
وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كُسِرَتْ رُبَاعِيْتِهِ يَوم أُحُدٍ وَشُجَّ رَأْسَهُ فَجَعَلَ يَسْلُتُ الدَّمَّ عَنْ وَجْهِهِ، ويَقُولُ: «كَيْفَ يَفْلَحُ قَوْمُ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ»، فَنَزَلَ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} الآيَة.
وَعِنْد الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أُصَيبَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، فَاسْتَقْبَلَهُ مَالِكُ بِنْ سِنَانٍ فَمَصَّ جُرْحَهُ ثُمَّ ازْدَرده- أي ابتلعه- قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ خَالَطَ دَمُّهُ دَمِّي فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَالِكِ بِنْ سِنَانٍ».
وَأَخْرَجَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذَا ذَكَرَ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ: ذَاكَ يَومُ كُلُّهُ لِطَلْحَةَ ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ قَالَ: كُنْتُ أَوْلُ مَنْ فَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ فَرَأَيْتُ رَجُلاً يَقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ دُونَهُ، وَأَرَاهُ قَالَ: حَمِيَّةً. قَالَ: فَقُلْتُ: كُنْ طَلْحَةَ حَيْثُ فَاتَنِي مَا فَاتَنِي فَقُلْتُ يَكُونُ رَجُلاً مِنْ قَوْمِي أَحَبُّ إِلَيَّ. وَبَيْنِي وَبَيْنِ الْمُشْرِكِينَ رَجُلاً لا أَعْرِفُهُ وَأنَا أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ وَهُوَ يَخْطَفُ الْمَشْيَ خَطْفًا لا أَخْطُفُهُ. فَإِذَا هُوَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ كُسِرَتْ رُبَاعِيَّتِه، وَشَجَّ فِي وَجْهِهِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي وَجْنَتَهُ حَلَقَتَا مِنْ حِلَقِ الْمِغْفَرِ.
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمَا صَاحِبُكُمَا». يُرِيدُ طَلْحَةَ، وَقَدْ نَزَفَ فَلَمْ نَلْتَفِتْ إِلَى قَوْلِهِ، قَالَ: وَذَهَبْتُ لأَنْزِعَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهِهِ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةُ: أُقْسِمُ عَلَيْكَ بِحَقِّي لَمَا تَرَكْتَنِي فَتَرَكْتُهُ. فَكَرِهَ تَنَاوُلُهَا بِيَدِهِ فَيُؤْذِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَزَمَّ عَلَيْهَا بِفِيهِ أَيْ عَضَّ عَلَيْهَا، فَاسْتَخْرَجَ إِحْدَى الْحَلَقَتَيْنِ وَوَقَعَتْ ثَنِيَّتِهِ مَعَ الْحَلَقَةِ وَذَهَبْتُ لأَصْنَعَ مَا صَنَعَ. فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِحَقِي لَمَا تَرَكْتَنِي. قَالَ: فَفَعَلَ مِثَلَ مَا فَعَلَ فِي الْمَرَّةِ الأُولَى فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتِهِ الأُخْرَى مَعَ الْحَلَقَةِ.
فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسَ هَتْمًا فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَتَيْنَا طَلْحَةَ فِي بَعْضِ الْجفَارِ، فَإَذَا بِهِ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ طَعْنَةً وَرَمْيَةً وَضَرْبَةً وَإِذَا قَدْ قُطِعَتْ أُصْبُعهُ فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِهِ.
اللَّهُمَّ ثَبِّتْ مَحَبَّتَكَ فِي قُلُوبِنَا وَقَوِّهَا وَارْزُقْنَا الْقِيَامَ بِطَاعَتكَ وَجَنِّبْنَا مَا يُسْخِطُكَ وَأَصْلِحْ نِيَّاتِنَا وَذُرِّيَاتِنَا وَأَعِذْنَا مِنْ شَرِّ نُفُوسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالَنَا وَأَعِذْنَا مِنْ عَدُوّكَ وَاجْعَلْ هَوَانَا تَبَعًا لِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُكَ صلى الله عليه وسلم وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
مَوْعِظَةْ:
عِبَادَ اللهِ إِنَّ اللهَ اخْتَارَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَخَصَّهُ بِمَزَايَا لَمْ تَكُنْ لأَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ وَاخْتَارَ لَهُ أَصْحَابًا خَيْرَةَ النَّاسِ مِنْ خَلْقِهِ، وَخَصَّهُمْ بِمَزَايَا لَمْ تَكُنْ لِسِوَاهُمْ مِنَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ، حَاشَا الأَنْبِيَاءَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَأَثْنَى عَلَيْهمْ، سُبْحَانَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ تَنْبِيهًا عَلَى جَلالَةِ قَدْرِهِمْ، وَعَلُوِ مَنْزِلَتِهِمْ، وَعِظَمِ فَضْلِهِمْ، وَشَرَفِهِمْ. قَالَ تَعَالَى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ}.
وَقَالَ تَعَالَى يَصِفُهُمْ بِشِدَّةِ الرَّحْمَةِ وَلِينَ الْجَانِبِ لِبَعْضِهِمْ بَعْضًا وَشِدَّتِهِمْ عَلَى الْكُفَّارِ الْمُعَانِدِينَ {مُحَمَّدٌ رَسُول اللهِ والَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءَ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانَا سِيماهم فِي وجوهم من أثر السجود}.
وَقَالَ تَعَالَى يَصِفُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ بِأَفْضَلِ مَا يَصِفُ بِهِ إِنْسَانًا {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الْقُرُونَ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»، وَلَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ أَصْبَرَ النَّاسِ بَعْدَ الرُّسُلِ عَلَى الأَذَى فِي اللهِ فَلَقَدْ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبَّنَا اللهَ وَصُبَّ عَلَيْهمْ الأَذَى مِنْ كُلِّ صَوْبٍ، فَلَمْ يَزِدْهُمْ إِلا ذَلِكَ إِيمَانًا. قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً}، وَقَالَ: {وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} الآيَة.
وَإِذَا كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَرْفَعُ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ دَرَجَةً وَأَعْلاهُمْ مَكَانًا بِشَهَادَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ فَلا عَجَبَ أَنْ يُعْلِنَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم بِفَضْلِهِمْ وَيُحَذِّرُ مِنْ سَبِّهِمُ وَمَقْتِهِمْ، وَيَقُولُ فَيمَا رَوَى الترمذِيُّ: «اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي لا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغِضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ يُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ».
وَيَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهُمْ وَلا نصيفَهِ»، فَأَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لا يَشُكُ عَاقِلٌ أَنَّهُمْ هُمْ الَّذِي حَازُوا قَصَبَاتِ السَّبْق، وَاسْتَوْلُوا عَلَى مَعَالِي الأَمُورِ مِنَ الْفَضْلِ وَالْمَعْرُوفِ وَالصِّدِقِ وَالْعِفَّةِ، وَالْكَرَمِ وَالإِحْسَانِ، وَالْقَنَاعَةَ، وَعُلُوَ الْهِمَّةِ، وَالنَّزَاهَةَ، وَالشَّجَاعَةَ، وَالتُّقَى وَالتَّوَاضُعِ، وَنَحْو ذَلِكَ.
فَالسَّعِيدُ مَنْ اتَّبَعَ طَرِيقَهُمْ، وَاقْتَفَى مَنْهَجُهُمْ الْقَوِيم، وَالشَّقِيُّ مَنْ عَدَلَ عَنْ طَرِيقِهِمْ، وَلَمْ يَتَحَقَّقَ بِتَحْقِيقِهِمْ، فَأَيُ خِطَّةِ رُشْدِهِمْ لَمْ يَسْتَوْلُوا عَلَيْهَا، وَأَيُ خُصْلَةٍ خَيْرٍ لَمْ يُسْبِقُوا إِلَيْهَا، لَقَدْ وَرَدُوا يَنْبُوعَ الْحَيَاةِ عَذْبًا صَافِيًا زُلالاً. وَوَطَّدُوا قَوَاعِدَ الدِّينِ، وَالْمَعْرُوفِ فَلَمْ يَدْعَوا لأَحَدٍ بَعْدَهُمْ مَقَالاً.
فَتَحُوا الْقُلُوبَ بِالْقُرَآنِ، وَالذِّكْرِ وَالإِيمَانِ، وَالْقُرَى بِالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ. وَبَذلُوا النُّفُوسَ النَّفِيسَة فِي مَرْضَاةِ رَبِّهِمْ، فَلا مَعْرُوفَ إِلا مَا عُرِفَ عَنْهُمْ، وَلا بُرْهَانَ إِلا مَا بِعُلُومِهِمْ كُشِفَ، وَلا سَبِيلَ نَجَاةَ إِلا مَا سَلَكُوهُ وَلا خَيْرَ سَعَادَةٍ إِلا مَا حَقَّقُوهُ وَحَلَّوهُ فَرِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهمْ، مَا تَحَلَّتِ الْمَجَالِسُ بِنَشْرِ ذِكْرِهِمْ، وَمَا تَنَمَّقَتِ الطُّرُوفُ بِعُرْفِ مَدْحِهِمْ وَشُكْرِهِمْ.
وَلَيْسَ فِي الأُمَّةِ كَالصَّحَابَةِ ** بِالْفَضْلِ وَالْمَعْرُوفِ وَالإِصَابَةِ

فَإِنَّهُمْ قَدْ شَاهَدُوا الْمُخْتَارَ ** وَعَايَنُوا الأَسْرَارَ وَالأَنْوَارَا

وَجَاهَدُوا فِي اللهِ حَتَّى بَانَا ** دِينُ الْهُدَى وَقَدْ سَمَا الأَدْيَانَا

وَقَدْ تُلِيَ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ ** مِنْ فَضْلِهِمْ مَا يَشْفِي مِنْ غَلِيلِ

وَفِي الأَحَادِيثِ وَفِى الأَخْبَارِ ** وَفِى كَلامِ الْقَوْمِ وَالأَشْعَارِ

مَا قَدْرَ رَبَا مِنْ أَنْ يُحِيطَ نَظْمِي ** بِبَعْضِهِ فَاسْمَعْ وَخُذْ مِنْ عِلْمِي

آخر:
قُوْمٌ لَهُمْ عِنْدَ رَبِّ الْعَرْشِ مَنْزِلَةً ** وَحُرْمَةً وَبُشَارَاتٍ وَإِكْرَامِ

فَازُوا بِصُحْبَةِ خَيْرِ الْخَلْقِ وَاتَّصَفُوا ** بِوَصْفِهِ فُهُمْ لِلنَّاسِ أَعْلامُ

فَفِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِيقِ قَدْ وَرَدَتْ ** آثَارُ فَضْلٍ لَهَا فِي الذِّكْرِ أَحْكَامُ

وَبَعْدَهُ عُمَر الْفَارُوق صَاحِبُهُ ** بِهِ تَكَمَّلَ بِالْفَارُوقِ إِسْلامُ

وَهَكَذَا الْبَّرُّ عُثْمَانُ الشَّهِيدُ لَهُ ** فِي الليلِ وُرِدٌ وَبِالْقُرَآنِ قَوَّامُ

وَلِلإِمَامِ عَلِيّ الْمُرْتَضَى مِنَحٌ لَهُ ** احْتِرَامٌ وَإِعْزَازٌ وَإِكْرَام

هُمُ الصَّحَابَةُ لِلْمُخْتَارِ قَدْ وَضَّحُوا ** طُرُقَ الْهُدَى وَعَلَى الطََّاعَاتِ قَدْ دَامُوا